{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}
[يوسف: 108].
يقول ابن كثير في تفسير الآية:
"يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم إلى الثقلين الجن والإنس آمرا له أن
يخبر الناس أن هذه سبيله أي طريقته ومسلكه وسنته وهي الدعوة إلى شهادة أن
لا إله إلا الله وحده لا شريك له يدعو إلى الله بها على بصيرة من ذلك ويقين وبرهان
وكل من اتبعه يدعو إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم على بصيرة
ويقين وبرهان عقلي وشرعي, وقوله "وسبحان الله" أي وأنزه الله وأجله وأعظمه
وأقدسه عن أن يكون له شريك أو نظير أو عديل أو نديد أو ولد أو والد أو صاحبة أو وزير أو مشير تبارك وتقدس وتنزه وتعالى عن ذلك كله علوا كبيرا، تسبح له
السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا
تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا".
أهـ قال تعالى :
{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿٣٤
﴾ يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ هَٰذَا مَا
كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ} [سورة التوبة: 34-35].
قال ابن كثير:
وقوله تعالى:
{يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ هَٰذَا مَا
كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ} أي يقال لهم هذا الكلام تبكيتا وتقريعا
وتهكما كما في قوله: {ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ ﴿٤٨﴾ ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ
الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} [سورة الدخان: 48-49]، أي هذا بذاك وهذا الذي كنتم تكنزون
لأنفسكم، ولهذا يقال من أحب شيئا وقدمه على طاعة الله عُذِبَ به وهؤلاء لما كان
جمع هذه الأموال آثر عندهم من رضا الله عندهم عذبوا بها كما كان أبو لهب لعنه
الله جاهدا في عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وامرأته تعينه في ذلك كانت
يوم القيامة عونا على عذابه أيضا في جيدها أي عنقها حبل من مسد أي تجمع من
الحطب في النار وتلقي عليه؛ ليكون ذلك أبلغ في عذابه ممن هو أشفق عليه في
الدنيا كما أن هذه الأموال لما كانت أعز الأموال على أربابها كانت أضر الأشياء
عليهم في الدار الآخرة فيحمى عليها في نار جهنم وناهيك بحرها فتكوى بها
جباههم وجنوبهم وظهورهم" أ.هـ أين أنتم يا أغنياء الإسلام من هذه الآيات
القوارع أين أنتم من ثغر دعوي يهدم؟!